24/11/2013 | 1993
مدينة دوما | محافظة ريف دمشق
كان يدرس الهندسة المدنية قبل أن ينخرط في الثورة السورية. فقد اثنين من إخوته الصغيرين في قصف استهدف المدينة، وكذلك عمه وابن عمه قبل استشهاده. محمد كان جزءًا من الحراك الثوري في دوما، وقدم تضحيات كبيرة في سبيل قضية الشعب السوري ضد النظام.
من قناديل دوما.. :
الطَّيِّب عنوانٌ للجيل الثائر
(محمد الطيب) صاحبُ الأثرِ الإنسانيِّ الأطيب، طالبٌ جامعيٌّ في أوائلِ العشرينات، قويُّ البُنيَةِ الجَسَدِيَةِ، أجهشُ الصَّوتِ، حادُّ المزاجِ في نُصرةِ الحَقِّ، يُوَظِّفُ حميَّتَهُ في نَجدةِ النَّاسِ عِندَ المُلِمَّات والنَّوائبِ في غوطةِ دمشق أو أحياء الجنوبِ الدِّمشقيِّ المُحاصرة.
كانت عيناهُ تبرُقُ بالدموعِ عِندَمَا نَتَذَاكَرُ أسماءَ الشُّهداءِ في الغوطةِ الشَّرقية، وما ألمَّ بأولادهِم مِن بعدِ استِشهَادِهِم وغالباً ما كانَ يُغَادِرُنَا في مُنتَصَفِ الحَديثِ عَنهُم وكأنَّهُ على موعدٍ مصيريٍ هامٍّ حَامِلَاً حماسَ الشَّبابِ مُتَأبِطَاً بما تجودُ به نفوسُ الكرامِ نحوَ أطفالِ ذلكَ الشَّهيدِ، الذينَ لَم يبقَ لَهُم مُعيلٌ وبَاتُوا بحاجَةِ مَن يَطرُقُ بَابَهُم ويَمُدُّ لَهُم يَدَ العونِ.
لقد كان (الطَّيِّبُ) اسماً على مُسمَّى؛ فَطِيبَةُ القَلبِ كانَت تَتَبَدَّى في عينيهِ وصَفَحَاتُ وَجهِهِ يَقرَؤهَا كُلُّ من قابَلَهُ وأثارَ معهُ شُجونَ ما خلَّفَتهُ آلةُ الحربِ الهوجاءُ التي لم تُمَيِّز في بَطشِهَا يَومَاً بينَ الطِّفلِ والمَرأةِ والكَهلِ والثَّائر.
(محمد الطَّيِّب) هو اللقبُ الذي أطلَقَهُ مُحِبوُهُ عَليهِ مِن فَرط طِيبَتِهِ وتَفَانِيهِ في خِدمَةِ النَّاسِ فلم يكن "الطيب" من هواة الظهور بل كان مؤثراً العمل بالخفاء كان يطوف غالبية الليل على بيوت المعوزّين والفقراء في غوطة دمشق ليطمئن على دفئ الأيتام في ليالي الشتاء الباردة وغالباً ماكان يحمل ثياباً شتوية ليطوف بيوت "المستورين" كما كان يقول لرفاقه ، حيث كان يقول "لمين تاركين هالأيتام والأرامل ؟ هالأرملة مين بدو يعطيها كفافها " كانت عينا الطيّب لاتقران إلا إذا رأى ضحكة الأطفال بعد ارتدائهم الجديد من اللباس أو تذوقهم لنوع جديد من الفاكهة لم يألفوه سابقاً كان يقول عندها "وصلني حقي ، شوفة ضحكة هالأيتام بتسوى عرش الأسد من خمسين سنة لليوم" لَم يَستَطِع الطيّب الجمعَ بينَ شَأنِهِ الخاصِّ و خِدمَةِ النَّاسِ والتَّضحِيَةِ لِأجلِهِم؛ فهوَ اختارَ أن يَكُونَ شُعلَةَ وَعيٍ تَبُثُّ رُوحَ الثَّورَةِ ضِدَّ الظُّلمِ فِي نُفُوسِ الجيلِ تَارِكَاً دِراسَةَ (الهندسة المدنية) في إحدى أرقَى الجَامِعَاتِ السُّوريَةِ مُلتَحِقَاً بدربِ الثَّورَةِ كَنَاشِطٍ إعلاميٍّ هَدَفُهُ إيصالُ صوتِ الشَّعبِ السُّوريِّ المَقهُورِ عبرَ الفضائياتِ والإذاعاتِ الدَّاعِمَةِ للحَراكِ الثَّوريِّ ضدَ نِظامِ الأسَد.
لَم تَكُن كَلِمَاتُهُ كَلماتٍ عاديَّةً مُنذُ مَجزَرَةِ الكِيماوِي في الغوطة عام 2013، ومَن كانَ مثلَ ذاكَ الشَّابِّ اليَافِعِ الذي لَم يَستَطِع كتمانَ دُمُوعِهِ بينَ جُثثِ الأطفال مُطَالِبَاً الثُّوارَ بالردِّ عَلَى هذهِ المَجزَرَةِ الرَّهِيبَةِ ضِدَّ المَدنيينَ في غوطَةِ دِمشق، ثمَّ كيفَ لنَا أن نَنسَى تَصريحَ الطَّيِّبِ الشَّهيرَ بِخُصوصِ الجِنسيَةِ السُّوريَّة ومقدارِ شَرعيَّةِ نظامِ الأسد بِمَنحِهَا وسَلبِهَا من المُواطِنِينَ القَاطِنِينَ خارجَ مناطِقِ سَيطَرَتِه، عِندَهَا لَم يستَطِع مُحاوِرُهُ المُمَثِلُ لِوِجهَةِ نَظَرِ نظامِ الأسدِ الرَّدَّ عليهِ عبرَ الأثيرِ مُبَاشَرَةً.
كانَت كَلِمَاتُهُ تُلهِبُ حَمَاسَ مَن يَستَمِعُ إلَيهَا لأنَّهَا كانَت عِباراتٍ صادقةً صادِرَةً من شابٍّ آمنَ بثورَةِ شَعبٍ مَظلُومٍ ضِدَّ جلَّادٍ ظَالِمٍ، فَلَم يَكُن يَهوَى نقلَ الأخبارِ وبثَّ الحماسِ بينَ مُتَابِعيهِ دونَ أن يتَثَبَّتَ مِن أخبارِهِ على الأرضِ مُرَافِقَاً الثُّوارَ يأنسُونَ بابتسَامَتِهِ ويُحَيُّونَ بُطُولَاتِهِ بِمُرَافَقَتِهِم على الجبهات، إلى أن شاركَ الطَّيِّبُ ورِفاقُهُ بتَغطِيَةِ إحدَى معارِكِ الثُّوارِ المَشهُودَةِ أواخِرَ عامِ 2013 والتي كانَت تَهدِفُ لفكِّ الحصارِ الذي استَحكَمَت حَلَقَاتُهُ عَلَى منافِذِ (الغوطة) من جِهَةِ الشَّرق، فكانَ (محمد) بفدائيَتِهِ المَعهُودَةِ يَقتَحِمُ الأهوالَ رفقَةَ الثُّوارِ ليَنقُلَ النَّبضَ الحقيقيَ للأحداثِ بِكُلِّ بسَالَةٍ ومِهَنِيَةٍ فِي آنٍ معاً، لكن هُنَا كانَت رُوحُهُ عَلَى موعدٍ معَ الشَّهادَةِ ليلةَ الثَّالِثِ والعشرينَ من تشرينَ الثَّانِي لعامِ ألفين وثلاثة عشر؛ حيثُ تَمَكَّنَت مجموعَةٌ من القواتِ التَّابِعَة لحزبِ الله اللبناني من إيقاعِهِ ورِفَاقِهِ بكمينٍ في قَريَة (البحارية) لتقومَ مُبَاشَرَةً بإعدامِهِم مَيدَانِيَّاً والاستحواذِ عَلَى مُعدَّاتِهِمُ الإعلاميَّة لِيُعلِنَ أحدُ المَواقِعِ الالكترونيَّةِ التَّابِعَةِ للحزب عن قَتلِهِم بكمينٍ قُرب (غُوطَةِ دمشق) بكثيرٍ منَ التَّشفِي وإظهارِ الحِقدِ الطَّائِفيِّ.
نَعَاهُ أحِبَاؤهُ بكثيرٍ من اللوعَةِ على فِراقِهِ وأسَفَاً عَلَى شَبَابِه، فما عادَ يُطِلُّ عبرَ شَاشَتِهِم ولَم تَعُد جَولَاتُهُ تُبَدِدُ ظلامَ أكاذيبِ نظامِ الأسد.
بقلم: ناصر علم الدين.
- حسن هارون أو (محمد الطيب) هو الشَّهيدُ الثَّالِثُ لِوَالِدَيهِ، لَم يَكُن شَابَّاً طَالِبَاً للمالِ أو الشُّهرَةِ، بل كانَ نِبرَاسَاً للجيلِ الثَّائرِ وهَادِيَاً لهُ نحوَ طيِّبِ القَولِ والعَمَل، استُشهِدَ بتاريخ 23\11\2013 معَ خَمسَةٍ مِن رِفَاقِهِ أثناءَ التَّغطيةِ الإعلاميَّةِ لتَقَدُمِ كتائِبِ الثُّوارِ نحوَ قَريَةِ (العتيبة) لفكِّ حِصارِ الغُوطَةِ الشَّرقيَّة.
هذه الصورة تجمعه مع صديقه الناشط "محمد السعيد"
شعلة الإعلام الثوري رحمهم الله
الطَّيِّب عنوانٌ للجيل الثائر
(محمد الطيب) صاحبُ الأثرِ الإنسانيِّ الأطيب، طالبٌ جامعيٌّ في أوائلِ العشرينات، قويُّ البُنيَةِ الجَسَدِيَةِ، أجهشُ الصَّوتِ، حادُّ المزاجِ في نُصرةِ الحَقِّ، يُوَظِّفُ حميَّتَهُ في نَجدةِ النَّاسِ عِندَ المُلِمَّات والنَّوائبِ في غوطةِ دمشق أو أحياء الجنوبِ الدِّمشقيِّ المُحاصرة.
كانت عيناهُ تبرُقُ بالدموعِ عِندَمَا نَتَذَاكَرُ أسماءَ الشُّهداءِ في الغوطةِ الشَّرقية، وما ألمَّ بأولادهِم مِن بعدِ استِشهَادِهِم وغالباً ما كانَ يُغَادِرُنَا في مُنتَصَفِ الحَديثِ عَنهُم وكأنَّهُ على موعدٍ مصيريٍ هامٍّ حَامِلَاً حماسَ الشَّبابِ مُتَأبِطَاً بما تجودُ به نفوسُ الكرامِ نحوَ أطفالِ ذلكَ الشَّهيدِ، الذينَ لَم يبقَ لَهُم مُعيلٌ وبَاتُوا بحاجَةِ مَن يَطرُقُ بَابَهُم ويَمُدُّ لَهُم يَدَ العونِ.
لقد كان (الطَّيِّبُ) اسماً على مُسمَّى؛ فَطِيبَةُ القَلبِ كانَت تَتَبَدَّى في عينيهِ وصَفَحَاتُ وَجهِهِ يَقرَؤهَا كُلُّ من قابَلَهُ وأثارَ معهُ شُجونَ ما خلَّفَتهُ آلةُ الحربِ الهوجاءُ التي لم تُمَيِّز في بَطشِهَا يَومَاً بينَ الطِّفلِ والمَرأةِ والكَهلِ والثَّائر.
(محمد الطَّيِّب) هو اللقبُ الذي أطلَقَهُ مُحِبوُهُ عَليهِ مِن فَرط طِيبَتِهِ وتَفَانِيهِ في خِدمَةِ النَّاسِ فلم يكن "الطيب" من هواة الظهور بل كان مؤثراً العمل بالخفاء كان يطوف غالبية الليل على بيوت المعوزّين والفقراء في غوطة دمشق ليطمئن على دفئ الأيتام في ليالي الشتاء الباردة وغالباً ماكان يحمل ثياباً شتوية ليطوف بيوت "المستورين" كما كان يقول لرفاقه ، حيث كان يقول "لمين تاركين هالأيتام والأرامل ؟ هالأرملة مين بدو يعطيها كفافها " كانت عينا الطيّب لاتقران إلا إذا رأى ضحكة الأطفال بعد ارتدائهم الجديد من اللباس أو تذوقهم لنوع جديد من الفاكهة لم يألفوه سابقاً كان يقول عندها "وصلني حقي ، شوفة ضحكة هالأيتام بتسوى عرش الأسد من خمسين سنة لليوم" لَم يَستَطِع الطيّب الجمعَ بينَ شَأنِهِ الخاصِّ و خِدمَةِ النَّاسِ والتَّضحِيَةِ لِأجلِهِم؛ فهوَ اختارَ أن يَكُونَ شُعلَةَ وَعيٍ تَبُثُّ رُوحَ الثَّورَةِ ضِدَّ الظُّلمِ فِي نُفُوسِ الجيلِ تَارِكَاً دِراسَةَ (الهندسة المدنية) في إحدى أرقَى الجَامِعَاتِ السُّوريَةِ مُلتَحِقَاً بدربِ الثَّورَةِ كَنَاشِطٍ إعلاميٍّ هَدَفُهُ إيصالُ صوتِ الشَّعبِ السُّوريِّ المَقهُورِ عبرَ الفضائياتِ والإذاعاتِ الدَّاعِمَةِ للحَراكِ الثَّوريِّ ضدَ نِظامِ الأسَد.
لَم تَكُن كَلِمَاتُهُ كَلماتٍ عاديَّةً مُنذُ مَجزَرَةِ الكِيماوِي في الغوطة عام 2013، ومَن كانَ مثلَ ذاكَ الشَّابِّ اليَافِعِ الذي لَم يَستَطِع كتمانَ دُمُوعِهِ بينَ جُثثِ الأطفال مُطَالِبَاً الثُّوارَ بالردِّ عَلَى هذهِ المَجزَرَةِ الرَّهِيبَةِ ضِدَّ المَدنيينَ في غوطَةِ دِمشق، ثمَّ كيفَ لنَا أن نَنسَى تَصريحَ الطَّيِّبِ الشَّهيرَ بِخُصوصِ الجِنسيَةِ السُّوريَّة ومقدارِ شَرعيَّةِ نظامِ الأسد بِمَنحِهَا وسَلبِهَا من المُواطِنِينَ القَاطِنِينَ خارجَ مناطِقِ سَيطَرَتِه، عِندَهَا لَم يستَطِع مُحاوِرُهُ المُمَثِلُ لِوِجهَةِ نَظَرِ نظامِ الأسدِ الرَّدَّ عليهِ عبرَ الأثيرِ مُبَاشَرَةً.
كانَت كَلِمَاتُهُ تُلهِبُ حَمَاسَ مَن يَستَمِعُ إلَيهَا لأنَّهَا كانَت عِباراتٍ صادقةً صادِرَةً من شابٍّ آمنَ بثورَةِ شَعبٍ مَظلُومٍ ضِدَّ جلَّادٍ ظَالِمٍ، فَلَم يَكُن يَهوَى نقلَ الأخبارِ وبثَّ الحماسِ بينَ مُتَابِعيهِ دونَ أن يتَثَبَّتَ مِن أخبارِهِ على الأرضِ مُرَافِقَاً الثُّوارَ يأنسُونَ بابتسَامَتِهِ ويُحَيُّونَ بُطُولَاتِهِ بِمُرَافَقَتِهِم على الجبهات، إلى أن شاركَ الطَّيِّبُ ورِفاقُهُ بتَغطِيَةِ إحدَى معارِكِ الثُّوارِ المَشهُودَةِ أواخِرَ عامِ 2013 والتي كانَت تَهدِفُ لفكِّ الحصارِ الذي استَحكَمَت حَلَقَاتُهُ عَلَى منافِذِ (الغوطة) من جِهَةِ الشَّرق، فكانَ (محمد) بفدائيَتِهِ المَعهُودَةِ يَقتَحِمُ الأهوالَ رفقَةَ الثُّوارِ ليَنقُلَ النَّبضَ الحقيقيَ للأحداثِ بِكُلِّ بسَالَةٍ ومِهَنِيَةٍ فِي آنٍ معاً، لكن هُنَا كانَت رُوحُهُ عَلَى موعدٍ معَ الشَّهادَةِ ليلةَ الثَّالِثِ والعشرينَ من تشرينَ الثَّانِي لعامِ ألفين وثلاثة عشر؛ حيثُ تَمَكَّنَت مجموعَةٌ من القواتِ التَّابِعَة لحزبِ الله اللبناني من إيقاعِهِ ورِفَاقِهِ بكمينٍ في قَريَة (البحارية) لتقومَ مُبَاشَرَةً بإعدامِهِم مَيدَانِيَّاً والاستحواذِ عَلَى مُعدَّاتِهِمُ الإعلاميَّة لِيُعلِنَ أحدُ المَواقِعِ الالكترونيَّةِ التَّابِعَةِ للحزب عن قَتلِهِم بكمينٍ قُرب (غُوطَةِ دمشق) بكثيرٍ منَ التَّشفِي وإظهارِ الحِقدِ الطَّائِفيِّ.
نَعَاهُ أحِبَاؤهُ بكثيرٍ من اللوعَةِ على فِراقِهِ وأسَفَاً عَلَى شَبَابِه، فما عادَ يُطِلُّ عبرَ شَاشَتِهِم ولَم تَعُد جَولَاتُهُ تُبَدِدُ ظلامَ أكاذيبِ نظامِ الأسد.
بقلم: ناصر علم الدين.
- حسن هارون أو (محمد الطيب) هو الشَّهيدُ الثَّالِثُ لِوَالِدَيهِ، لَم يَكُن شَابَّاً طَالِبَاً للمالِ أو الشُّهرَةِ، بل كانَ نِبرَاسَاً للجيلِ الثَّائرِ وهَادِيَاً لهُ نحوَ طيِّبِ القَولِ والعَمَل، استُشهِدَ بتاريخ 23\11\2013 معَ خَمسَةٍ مِن رِفَاقِهِ أثناءَ التَّغطيةِ الإعلاميَّةِ لتَقَدُمِ كتائِبِ الثُّوارِ نحوَ قَريَةِ (العتيبة) لفكِّ حِصارِ الغُوطَةِ الشَّرقيَّة.
هذه الصورة تجمعه مع صديقه الناشط "محمد السعيد"
شعلة الإعلام الثوري رحمهم الله
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق